قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ} قال الحسن ومجاهد وقتادة والسدي والكلبي وجماعة: أراد به محمدا صلى الله عليه وسلم وحده على مذهب العرب في مخاطبة الواحد بلفظ الجماعة. وقال بعضهم: أراد به عيسى. وقيل: أراد به جميع الرسل عليهم السلام، {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} أي الحلالات، {وَاعْمَلُوا صَالِحًا} الصلاح هو الاستقامة على ما توجبه الشريعة، {إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} {وَإِنَّ هَذِهِ} قرأ أهل الكوفة: وإن بكسر الألف على الابتداء، وقرأ الباقون بفتح الألف، وخفف ابن عامر النون وجعل إن صلة، مجازة: وهذه {أُمَّتُكُمْ} وقرأ الباقون بتشديد النون على معنى وبأن هذا، تقديره: بأن هذه أمتكم، أي ملتكم وشريعتكم التي أنتم عليها، {أُمَّةً وَاحِدَةً} أي ملة واحدة وهي الإسلام، {وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} أي: اتقوني لهذا.وقيل: معناه أمرتكم بما أمرت به المرسلين من قبلكم، فأمركم واحد، {وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} فاحذرون. وقيل: هو نصب بإضمار فعل، أي: اعلموا أن هذه أمتكم، أي ملتكم، أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون. {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ} دينهم، {بَيْنَهُمْ} أي: تفرقوا فصاروا فرقا، يهودا ونصارى ومجوسا، {زُبُرًا} أي: فرقا وقطعا مختلفة، واحدها زبور وهو الفرقة والطائفة، ومثله الزبرة وجمعها زبر، ومنه: {زبر الحديد} [الكهف- 96]. أي: صاروا فرقا كزبر الحديد. وقرأ بعض أهل الشام {زبرا} بفتح الباء، قال قتادة ومجاهد {زبرا} أي: كتبا، يعني دان كل فريق بكتاب غير الكتاب الذي دان به الآخرون. وقيل: جعلوا كتبهم قطعا مختلفة، آمنوا بالبعض، وكفروا بالبعض، وحرفوا البعض، {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ} بما عندهم من الدين، {فَرِحُونَ} معجبون ومسرورون. {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ} قال ابن عباس: في كفرهم وضلالتهم، وقيل: عمايتهم، وقيل: غفلتهم {حَتَّى حِينٍ} إلى أن يموتوا. {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ} ما نعطيهم ونجعله مددا لهم من المال والبنين في الدنيا.